قصص المهاجرين واللاجئين

بعد عشر سنوات في السويد… قرار ترحيل”مريم” للعراق يعيد الجدل حول معنى الاندماج!

بعد عشرة أعوام كاملة قضتها في السويد، وجدت “مريم نور ” نفسها فجأة أمام قرار يهدد كل ما بنته في حياتها. مريم، التي تبلغ اليوم 18 عامًا وتدرس في السنة الثانية بمدرسة تينغفالا غيمناسيوم في مدينة كارلستاد (Karlstad)، وصلت إلى السويد وهي طفلة في الثامنة من عمرها برفقة عائلتها، هربًا من ظروف صعبة وخطيرة. اليوم، وبعد أيام قليلة فقط من بلوغها سن الرشد، تلقت استدعاءً من مصلحة الهجرة السويدية لجلسة تُعرف بـ”محادثة العودة”، إيذانًا برفض طلب اللجوء وبدء إجراءات الترحيل.




بينما يعود زملاؤها في الصف إلى منازلهم للاحتفال بعطلة عيد الميلاد، تعود مريم إلى بيتها وهي تحمل همًا مختلفًا تمامًا. بدل التفكير بالراحة أو الإجازة، تنشغل بكتابة طعن قانوني على قرار الترحيل، وتحاول فهم ما الذي سيحدث لها ولعائلتها بعد كل هذه السنوات. تقول مريم إن زملاءها لا يفكرون خلال العطلة بما قد تقوله لهم مصلحة الهجرة بعد انتهائها، بينما هي لا تستطيع الهروب من هذا القلق ولو ليوم واحد.

“مريم نور ” 18 عاما





قصة مريم تعود إلى ما بعد أزمة اللجوء التي شهدتها أوروبا قبل نحو عشر سنوات. عائلتها، وهي تحمل الجنسية العراقية، تقدمت بطلب لجوء بعد رحلة طويلة وخطيرة، لكن السلطات السويدية رأت أن الأسباب المقدمة لا ترقى إلى مستوى منح الحماية. ورغم إتاحة حق الاستئناف عدة مرات على مر السنوات، انتهى المسار القانوني الآن برفض نهائي، لتصبح مريم، بعد بلوغها 18 عامًا، أول من يواجه الترحيل فعليًا.




عندما تُسأل عن علاقتها بالبلد الذي يُفترض أن تعود إليه العراق، تأتي إجابتها صادمة في بساطتها. تقول إنها لا تعرف أحدًا هناك، ولا تملك عائلة أو شبكة دعم، ولا حتى تصورًا واضحًا عن مكان ستعيش فيه أو كيف ستبدأ من جديد. تصف الفكرة بأنها مخيفة، ليس لأنها ترفض بلدها الأصلي من حيث المبدأ، بل لأنها تشعر بأنها تُجبر على الذهاب إلى مكان لا يمثل لها وطنًا حقيقيًا.

“مريم نور ” 18 عاما من العراق مهددة بالترحيل





رغم هذا القلق، حاولت مريم أن تعيش حياتها كأي شابة سويدية في عمرها. تدرس إدارة الأعمال، وأسست إلى جانب دراستها شركة طلابية ضمن برنامج “يو إف” موجهة لمرحلة الثانوية. فكرتها تقوم على تلبية احتياجات داخل قطاع رعاية المسنين، من خلال تقديم ما تسميه “ساعات نشاط”، مثل مرافقة المسنين في نزهات، أو الجلوس معهم للقراءة والحديث. ترى مريم في هذا المشروع محاولة حقيقية للمساهمة في المجتمع، وليس مجرد واجب مدرسي.




لكن المستقبل الذي تخطط له يبدو اليوم مهددًا. بعد أكثر من عام بقليل، كان من المفترض أن تتخرج مريم من المدرسة الثانوية، إلا أن القلق على مصيرها ومصير عائلتها يطغى على كل شيء. تتساءل بمرارة عن معنى الاندماج، قائلة إنهم عملوا ودرسوا وساهموا في المجتمع السويدي طوال عشر سنوات، دون أن يحصلوا في المقابل على حق الإقامة أو الاستقرار.




قضية مريم ليست حالة فردية معزولة، بل تعيد إلى الواجهة نقاشًا قديمًا ومتجددًا في السويد حول سياسات اللجوء، وحدود الاندماج، والسؤال الصعب: متى يصبح الشخص جزءًا من المجتمع، وليس مجرد ملف قانوني؟ بين القوانين الصارمة والقصص الإنسانية، تبقى مريم عالقة في المنتصف، تنتظر قرارًا قد يغير حياتها بالكامل.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى